السبت، 16 سبتمبر 2017

عقلك بين نظام 1 أو نظام 2

لماذا نعتقد أن الأشخاص الذين نتأثر بهم لا يرتكبون الأخطاء؟
لماذا تستخدم آلة الحاسبة بدلاً من التفكير لحل المعادلة ؟
لماذا نحكم على الاشياء والمواقف بطريقة غير عقلانية ؟

ان عقل الانسان يستخدم نظامين: 
 Image result for thinking fast and slow
النظام الأول هو نظام بديهي، عاطفي، سريع، وتلقائي حيث انه لا يتطلب أي مجهود  وكثيراً ما يقع في الخطأ. يبحث في البيئة وحوله بإستمرار.
بينما النظام الآخر هو نظام منطقي، تحليلي، بطيء عقلاني ذو تركيز وصبر ويتطلب مجهوداً. عقل الإنسان يلجأ إلى النظام الأول لأنه لا يريد يتكاسل ولا يريد أن يبذل مجهوداً كبيراً ليصل إلى الحل أو لأن يأخذ موقف معين من حدث.

فعند رؤية معادلة حسابية سيلجأ الى الالة الحاسبة. وعندما يسمع خبراً من قناة إخبارية فسيأخذ الخبر تلقائياً دون أن يلجأ إلى التحليل العقلاني والبحث والتحقق. وعندما يرى جماعات تقوم بعمل ما فيعتقد بأن ما تقوم به هو الصحيح و سيفعل مثلهم لأنه يستخدم النظام البديهي، العاطفي، السريع، التلقائي.

ولو نظرنا لمسائل العين في مجتمعاتنا فإنها تستخدم كشماعة لكل شي. فسقوط طالب كان متميزاً العام بديهياً، عاطفياً، سريعاِ و تلقائياً يعتبربسبب العين لأنه كان طالب ناجح و فشل الان. ولكن منطقياً، تحليلاً، بطيئاً، وعقلانياً سقط الطالب لأنه لم يعطي وقتاً كافياً للدراسة فكان بسبب تقصيراً منه، أو ربما يمر بظروف معينة لم تعنه لأن يحقق نفس النتائج السابقة.

وهذا يجعل الإعلام، والدول والجهات السياسية، والتسويق لإستغلال هذه النقطة. فيستخدمون نظريات مختلفة ليستفيدوا من الأفراد حتى يحققوا مصالحهم و ليغسلوا عقولهم أو ببساطة حتى يجعلوا الرأي العام موحداً كما فعل فرعون مع قومه ( مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ) سورة غافر. 


فهناك 4 نظريات تستخدمها هذه الجهات لتستغل استخدام الافراد لنظام رقم 1:  

١- نظرية التثبيت: كم يبلغ طول برج ايفل هل هو اطول او اقصر 600؟ تخمين الأشخاص سيكون في حدود 500 الى 650 تقريباً والجواب سوف يكون خاطئ. لأن الإجابة الصحيحة هي 300 متر. فهنا التثبيت أصبح على 600 وأفكار الأشخاص كانت تدور حول هذا الرقم.

هذه النظرية تستخدم في التسويق، فعندما يكون سعر القميص قبل التخفيضات 100 دولار ويوضع تحته السعر الجديد 50 دولار. هنا فقد تم تثبيت عقلك على انه 100 ومن ثم انخفض وهذا لا يعني استحقاق القميص ال50 ربما يستحق أقل ولكن التثبيت جعلك ترضى وتفرح بالرقم الجديد لان الفرق كبير.

٢- نظرية التأسيس: طرح فكرة بأسلوب معين التلاعب بمشاعر الأفراد. حتى يؤثر على تصرفاتهم وأفعالهم يسهل توجيههم بعد ذلك. يستخدم هذا الأسلوب من قِبل الإعلام، والجهات السياسية، والخطابات الدينية والسياسية.

فيطرح الاعلام ان هناك عدو وهمي بأسلوب حاد ومخيف يتلاعب بمشاعر الأفراد ومن ثم يقوم بتوجيهها حسب ما يريد دون أن يلجأوا إلى النظام رقم ٢ وهو التحليل المنطقي. ينقادون تلقائياً ويصدقون وجود العدو الوهمي لأنهم لا يريدون بذل أي مجهود لذلك يستخدم الإعلام هذا الاسلوب لانه يعلم ان الأفراد يستخدمون النظام التلقائي العاطفي. 

٣- نظرية تأثير الهالة: يعجب الناس بشخص معين ويتبعونه وكل ما يقوله يتم تصديقها والأخذ به دون التحقق والتحليل والعقلاني لكلامه لأن تلقائياً تعتقد بأن كل ما يقوله هو صحيح و مؤكد ولن تصدق أي شخص يعترض على كلامه.

كانوا رجال الدين في وقت من الأوقات كأفراد ناصحين و واعين ويتم استفتائهم في كل الامور، خلق الناس لهم هالة حيث اصبحوا يصدقونهم في كل شيء واعتبار كلامهم قداسة حتى التي كانت تُصدر لأغراض سياسية و لتضليل العامة. لأن الناس يستخدمون النظام التلقائي العاطفي الذي بمجرد أن أعجبوا ببعض اطروحاتهم سلموا عقولهم لهم دون التحقق، والتحليل وغيره. وبذلك تكون تأثير الهالة هي من تجعل الأفراد ينقادون دون تفكير وتحليل منطقي عقلاني.

٤- نظرية التأطير: تستخدم في الدعايات والإعلان هي تربط بين ما يدركه الناس في حياتهم اليومية وبين الإطار الجديد الذي تريد ان تربطه فهي تستفيد من الفهم الموجود ولا تخلق قيمة جديدة. فيضخم حدث معين ليوحي إليك بحل موجود اساساً. 


واخيراً، العقل يعمل بنظامين، على الإنسان أن لا يستسهل أسلوب نظام رقم ١ وتكراره دائما، لأنه سيجعل كل من الجهات الإعلامية والسياسية والأفراد المؤثرين أن يؤثروا ويتحكمون ويتلاعبون بعقلك متى ما شاؤوا. ولكن عليك أن تستخدم وتلجأ إلى نظام رقم ٢ حتى تكون شخص واعي ولا تحكم على الأمور بمنظور ضيق وحتى لا يتم استغفالك فتحكم على الأشياء بطريقة خاطئة.

الثلاثاء، 12 سبتمبر 2017

أعطيه لأجعله متميزاً .. ليغيظ غيره




يقارن نفسه بغيره ويظن ان ما يفعله يغيظ اخرين به. يعمل خيراً ليخلق غيظاً. يسعى ويبني ويعطي من اعذب الكلام حتى يجعل من حوله يتمنوا.

ليت العطاء كان لأجل العطاء، لكان أصفى، أنقى، واصدق بكثير. ليته كان يعطي لاجله حتى تتشكل قوانين الطبيعة وتعطيه مما يتمنى.

فهو يكدح و يتعب و يهرول، ليعطي حتى يضاهي، و يتباهى. يظن انه سيخلق شخصاً مميزاً متباهياً بعطائه، كرمه، ثقافته. وهو لا يعلم انه يخلق شخصاً انانياً، دكتاتورياً، عشوائياً 

أعطي العطاء وانت تعطي بحب، بنقاء، بصفاء 
ودعك من عطاء تريد توليد حقد وغيره و بغضاء 
فمن تسعى لحرقه لا يحترق وما تسعى لان توقظه اساسا لا يوقظ

ركز على على حياتك لأجل حياتك ولا تجري جري الوحوش في كل وادٍ. تسعى ان تضع بصمه مشوهة غير صادقة. ليقولوا كان، وفعل، وقال. وابني لأجل البنيان والإعمار والازدهار. ولا ترمم وتزيّين من اجلهم ليقولوا فعل.

ستقول الناس، وتتحدث. وكما هي حال الدنيا سيأتي يوم 

سينطفىء الضوء والنجم. فلن تملك ما تستخدمه وقت الظلام ولن تجد من يقول كان، فعل، قال. ومن لا يهتم لن يهتم اساسا. لان النقاء والصفاء والصدق لا يباع ولا يشتري ولا يورث ولا يعطى الا لمن كان عطاءه لأجل العطاء.

من الصواب ان تكون على خطأ


من الخطأ ان تكون على صواب دائماً 
ومن الصواب ان تخطأ
ان تخطأ يعني ان تجرب شيء لم تجربه 
وتخطأ فيه لأنك تتعلم وتكتشف وتزدهر
ان تكون على الصواب دائماً يعني انك 
لا تجرب الا ماتعرف .. ولا تستغرب.. 
يعني ان تقرأ وتتابع من يشبهك فقط 
وتبحث وتسمع عن ما يعجبك فقط 
ولا تملك القدرة على تحمل ما لا يشبهك 
لأنك تعتقد انك على صواب دائما
وكل مختلف هو باب يأخذك للخطأ
تحاول ان تكون نسخة من مجتمعك 
تحاول ان تبحث عن اصغر التفاصيل 
لتواكبها .. تقلدها .. وتردد ورائهم هذا هو الصواب 
وتدعي انها تمثلك .. لأنك تفعل ما فعله مجتمعك
تخاف الاختلاف لانه يستبعدك 
فتقنع نفسك بأنهم على صواب لأنك 
لا تريد الاختلاف فتكون خطأ
تحاول ان تكون سطحي 
تحاول ان توكل عقلك لهم
تحاول ان لا تفكر لأنك ان فكرت ربما تكون على خطأ
فالافضل ان تنقاد، وتُطيع، وان لا تقتنع بل تنفذ فقط
لان اي فكرة او فكر مختلف يبعدك عنهم 
تلهث وراء كل جديد يعجبهم للتميز عنهم 
وتخاف ان يعجبك جديد لا يعجبهم فتكون خطأ
تنتظر رأيهم، ذوقهم، حياتهم، وتحاول التكيف معاها
لتصبح على صواب، دون اي خطأ
تلتمس الاعذار وتتفنن بها لتظهر بصورة المقتنع المتفهم


مقلد بارع، مطيع بجدارة، سطحي بقوة، مُروٓض، مسلوب الفكر، فارغ من الداخل، دون شخصية، دون كيان، انت نسخة مجتمعك، تحياتي لك، انت الان الصواب الذي لا يحتمل على اي اخطاء

لأنه يرى الناس بعين طبعه



غالباً ما تستخدم هذه العبارة عند حدوث امر سلبي. فعلى سبيل المثال اذا عملت عملاً خيّراً، واتهمك الاخر فسيقول: فعلت ذلك لترأي  .. فسترد بالجواب المعتاد "كلن يرى الناس بعين طبعه"

اي انت تفسر ما افعله .. بالطريقة التي لو كنت مكاني لفعلتها بهذه النية.

بعيداً عن السلبية وعن إطلاق الأحكام وتقسيم الناس حسب تصرفاتهم. فالحقيقة ان الانسان يرى دائماً بمنظوره الخاص لكل شيء حوله. ولا يلاحظ ولا يعي الشيء الذي لا يعّلمه او لا يدركه.

مثال: تذهب دائما الى الجمعية لتاخذ بعض احتياجاتك التي تأخذها دائما. وبعد اسبوع قرأت خبر في الجريدة عن نوعية الاكل العضوي وعن شعاراته.

فإذا ذهبت الى الجمعية في المرة المقبلة فإنك ستبحث عن شعارات الاكل العضوي بطريقة اتوماتيكية وستلحظها وهي في الرفوف وانت تأخذ احتياجاتك التي تأخذها دائما من نفس مكانها.

فما حدث هو انك ادركت شيء لم تكن تدركه مع وجوده امامك في كل مرة تذهب اليها الى الجمعية.

فمن الطبيعي ان يدرك الأشخاص الاشياء التي احسوها او سمعوها او اشتموها او رؤها. فإذا شعر شخص بالم صداع مريع وسمع عن شخص اصابه نفس نوعية الصداع الذي اصابه فسيعرف معاناة الشخص لانه ادرك ذلك الشعور مسبقاً.

واذا كان الشخص دائماً عنيفاً مع الآخرين فلن يدرك او يستوعب معنى العطف على  الأطفال لانه لا يعرف هذا الشعور الا التعامل بالعنف فكيف توضح له العطف أساسا لتربطه بفئة الاطفال. فهو يحفظ ويعرف العبارة لغوياً ولكن لم يشعرها لذلك لا يدركها

فكل الناس ترى الناس بعين طبعها. او عين ما أدركته فهو ليس مقتصراً على الشعور السلبي او الإيجابي بل هو ممتد لنظرة الحياة والوعي والإدراك للحياة والأمور التي تحدث من حوله

فعلى الانسان ان يوسع " عين طبعه" ليتفهّم ويستوعب الآخرين. وعليه ان يتعلم كيف يهذب مشاعره السلبية غير المقبولة وان يحاول ان يراقب ويستشعر ماهو جديد عليه من شعور او فكر او حتى الجمادات

فكمية الثقافة والمعايشة والفهم تحدد اتساع منظورك وفهمك للآخرين. وانغلاقك على نفسك و تفسير كل امورك على مشاعرك القديمة وملفاتك القديمة التي إعتدتها، تجعل " عين طبعك" ضيقه فتلجأ لتحكم على هذا وذاك

وتوزع الألقاب عليهم وترفع وتقلل غيرهم لأنك لا تعي ولا تدرك عن ما يدور حولك. منغمس في قوقعتك، تعتقد ان ما تراه هو الصحيح. وما تفسره هو الأصح. وأي ماخالف لرأيك هو مخالف لك. فوسع عين طبعك لتفسر عين أطباعهم.

الوضوح والألتواء

بين الوضوح والالتواء  بين الصراحة و الكذبة البيضاء  بين الحقيقة و مزجها لتظهر بنفس الحقيقة ولكن بصوره اخرى.  اساليب غير واضحة ...